الاحساء
زهير بن جمعة الغزال
كشف الدكتور حجي بن إبراهيم الزويد، استشاري طب الأطفال، عن وجود معلومات خاطئة كثيرة حول دوافع استخدام الحليب الصناعي للأطفال الرضع، حيث يستخدم بإفراط دون وجود مسوغ لذلك، مشيراً إلى أن كثيرًا ما نسمع أن الطفل لا يحصل على كفايته من الفيتامينات، وقد يُصاب بنقص الحديد إذا كان معتمدًا على الرضاعة الطبيعية فقط، لذلك يُقال إنه يجب دعم الرضاعة الطبيعية بالحليب الصناعي.
وأكد الدكتور الزويد، أن الرضاعة الطبيعية وحدها كافية تمامًا لتغذية الطفل في الستة الأشهر الأولى، ولكن بشرطين مهمين جدًا، وهما أن يكون الطفل بصحة جيدة ويزداد وزنه طبيعيًا، ويمكن قياس ذلك من خلال مؤشرات تناول الطفل لحليب كافٍ أثناء الرضاعة.
وأوضح، أن عدد الرضعات يختلف باختلاف عمر الطفل، وتكون أكثر في الأشهر الأولى، وتقل بعد ذلك، كما تقل بعد إدخال الأغذية الأخرى في الشهر السابع، ثم بعد السنة الأولى.
وأشار، إلى أنه يوجد مؤشر ثانٍ هو الإخراج الجيد من خلال البول، فبعد اليوم الخامس من العمر لا يقل عن 6 حفاضات مبللة يوميًا، والبول يجب أن يكون فاتح اللون وعديم الرائحة (ليس أصفر غامق أو مركز)، بالإضافة إلى البراز في أول الأسابيع، ويكون البراز أصفر فاتحًا، رخوًا، ويخرج 3–4 مرات يوميًا، وبعد الشهر الثاني قد يقل التبرز إلى مرة كل يومين أو ثلاثة، وهذا طبيعي طالما البراز لين والطفل مرتاح.
وأضاف الدكتور الزويد، أن زيادة الوزن هي المعيار الذهبي للنمو الطبيعي، ففي أول 3 أشهر يكون معدل الزيادة الطبيعي حوالي 150–250 غرام أسبوعيًا، ويعود الطفل إلى وزنه عند الولادة بعمر أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وبعد ذلك، يستمر بالزيادة بشكل ثابت حسب مخطط النمو. كما تشمل المؤشرات المظهر العام للطفل، من ناحية أن الجلد ممتلئ ومرن، وعدم وجود علامات جفاف (العيون غائرة، الفم جاف، قلة الدموع)، وكذلك السلوك العام للرضيع، إذ ينام فترات مناسبة بعد الرضاعة، ويكون يقظًا ونشيطًا عندما يستيقظ، ويمصّ بنشاط أثناء الرضعة ولا يبدو متعبًا أو ضعيفًا.
وشدد الدكتور الزويد، على أن حليب الأم وحده يكفي تمامًا ولا يحتاج أي دعم بالحليب الصناعي لستة أشهر كاملة، وبعد الستة الأشهر، فإن حليب الأم مع الأغذية الأخرى التي يتم إدخالها بعد دخول الطفل سبعة أشهر يعتبر كافياً لتغذية الطفل الرضيع، ولا توجد حاجة للحليب الصناعي بعد ذلك.
وأوضح، أن هناك شرطًا مهمًا هو تعويض بعض الفيتامينات التي لا تتوفر بكمية كافية في حليب الأم، وهو مصدر اللبس عند كثير من الناس، حيث يعتقدون أن هناك نقصًا في حليب الأم ينبغي تعويضه بالحليب الصناعي، مؤكداً أن هذا الاعتقاد خطأ كبير جدًا.
كما أشار الدكتور، إلى عنصرين هامين، وهما فيتامين D والحديد، حيث إن حليب الأم يحتوي على كمية قليلة من فيتامين D، وتوصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) بإعطاء 400 وحدة دولية يوميًا لكل طفل يرضع طبيعيًا منذ الأسبوع الأول بعد الولادة، على شكل قطرات فموية.
أما الحديد، فرغم أن حليب الأم يحتوي على كمية قليلة منه، إلا أن امتصاصه ممتاز وأفضل من امتصاص الحديد في الحليب الصناعي، ومخزون الحديد في جسم الطفل يكفي عادة من الحمل حتى عمر 4–6 أشهر، وبعدها يبدأ المخزون بالنفاد.
وطالب الدكتور بإدخال الأطعمة الغنية بالحديد مثل صفار البيض، العدس، الخضروات الورقية، واللحوم المهروسة بعد الشهر السادس (أي عند دخول الطفل الشهر السابع)، أو إعطاء قطرات الحديد وفقًا لتوجيهات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، ببدء الوقاية من فقر الدم بعوز الحديد بجرعة مقدارها ١ ملغ لكل كيلوغرام من وزن الطفل يوميًا (1 mg/kg/day) على شكل قطرات فموية، ويستمر عليها حتى إدخال الأطعمة الصلبة الغنية بالحديد.
وأعطى الدكتور مثالاً على ذلك قائلاً: “إذا كان وزن الطفل 7 كغ، يُعطى 7 ملغ حديد يوميًا، ويستمر عليه حتى يبدأ بالأطعمة الغنية بالحديد مثل الحبوب أو اللحوم المهروسة عند دخوله الشهر السابع”.
وبيّن أن دواعي استخدام الحليب الصناعي عند الرضع ترتبط عادة بظروف صحية أو اجتماعية تمنع أو تقلل من إمكانية الرضاعة الطبيعية، موضحًا أنه يمكن استخدام الحليب الصناعي عندما تكون الدواعي متعلقة بالأم، مثل الأمراض المزمنة أو المعدية الخطيرة التي قد تنتقل عبر الرضاعة، أو تناول الأم لأدوية ضارة كالعلاج الكيماوي أو بعض الأدوية المثبطة للمناعة أو غير المسموح بها أثناء الرضاعة، إضافة إلى قلة أو انقطاع إدرار الحليب، أو خضوع الأم لجراحة كبيرة أو حالة صحية حرجة تمنعها من الإرضاع مباشرة، أو في حال وفاة الأم أو غيابها التام، أو عند تبني الطفل من قِبل أسرة لا تستطيع الإرضاع الطبيعي.
وتابع أن هناك دواعي متعلقة بالطفل، مثل أمراض استقلابية خاصة كمرض “الجلاكتوزيميا” حيث يُمنع الطفل من تناول حليب الأم والحليب البقري، أو عدم تحمل اللاكتوز، أو ضعف وصعوبة في المص أو البلع (في بعض الحالات العصبية أو التشوهات الفموية)، وكذلك عدم زيادة الوزن رغم الرضاعة المنتظمة أو وجود نقص وزن واضح رغم المحاولات، حيث يُستخدم الحليب الصناعي حينها كمكمل وليس بديلاً كاملاً، كما هو الحال في ولادة توأم أو أكثر، حيث تضطر الأم أحيانًا للاستعانة بالرضاعة الصناعية إذا لم يكفِ حليبها لجميع الأطفال، أو في حالات نادرة جدًا من الحساسية ضد بروتين حليب الأم، ويقرر الطبيب المختص نوع وكمية الحليب الصناعي المناسبة.
واختتم الدكتور الزويد تصريحه بالتأكيد على أن مجال استخدام الحليب الصناعي للطفل الرضيع ضيق جداً، وينبغي اللجوء إليه فقط في حالات الضرورة القصوى استنادًا إلى الدواعي الطبية المحددة.