كتب: ✍️ محمود كمال رضوان
“السينما مرآة الشعوب، وذاكرة الأجيال، وصوت الضمير الجمعي”… بهذه الكلمات بدأ المخرج الكبير كريم كمال حديثه العميق عن واقع السينما المصرية، حيث يرى أن ما نشهده اليوم هو انحدار خطير، لا يمس فقط الذوق الفني، بل يضرب جذور الوعي والثقافة في عمقها.
زمن الفن الجميل… حين كان الإبداع رسالة وطن
لا يمكن للمخرج كريم كمال أن يتحدث عن السينما دون أن يستدعي عمالقة تركوا بصماتهم على جبين الفن المصري والعربي، فكانوا نماذج للصدق، والموهبة، والوعي. يذكر من بينهم فاتن حمامة، أحمد زكي، محمود المليجي، سعاد حسني، نجيب الريحاني، فريد شوقي، عبد الحليم حافظ، أمينة رزق، شكري سرحان، زبيدة ثروت، تحية كاريوكا، محمود مرسي وغيرهم من الأسماء التي صنعت أمجاد الشاشة الكبيرة.
يقول كريم كمال:
“كان الفنان يحمل همّ الوطن، ويحترم عقله وجمهوره، وكانت السينما تُنتج لتناقش قضايا المجتمع، وتحترم القيم والتقاليد، وتُرسي مبادئ الحب، والانتماء، والصدق، والعمل. كانت الكلمة محسوبة، والمشهد له رسالة، وكل تفصيلة بتُبنى على فكر حقيقي”.
ويضيف:
“مازلت أذكر مشاهد أفلامهم التي تُدرس في الجامعات، وتُعرض في المهرجانات، وتُبكي الكبار قبل الصغار. هؤلاء لم يكونوا يسعون للشهرة أو المال، بل للإبداع الحقيقي، والبقاء في وجدان الناس”.
اليوم.. عندما أصبح الفن “بلا رسالة”
بعين الناقد، وقلب العاشق، يصف كريم كمال حال السينما اليوم بأسى بالغ، ويقول:
“للأسف، بقى كتير من اللي بيتقدم باسم الفن دلوقتي بعيد تمامًا عن أي رسالة، بل بالعكس… في حاجات بتُهدد وعي شبابنا، وبتصدر صورة مشوهة للحياة، وللقيم، وللحب نفسه”.
ويتابع:
“السيناريو بقى ضعيف، الحوار ركيك، واللغة بقت مبتذلة. بقى فيه تعمد للصدمة، وتعريّف غريب للجرأة، وكأن الفن أصبح وسيلة لخلق جدل مش للتنوير. فين التوجيه؟ فين الذوق؟ فين الإنسان؟”
المخرج الكبير لا يهاجم الأشخاص، ولا يذكر أسماء، لكنه يعبّر عن خيبة أمل في المحتوى المقدم، ويرى أن جزءًا كبيرًا من المنتجين باتوا يلهثون وراء الربح السريع على حساب القيمة والجودة.
السينما كما يراها كريم كمال: فنٌ راقٍ يُبني بالعقل والروح
رغم الإحباطات، يظل كريم كمال متمسكًا بحلمه الكبير: استعادة السينما المصرية لمكانتها الحقيقية، ويؤمن أن مصر ما زالت قادرة على تقديم فن عالمي، فقط إذا عاد الإخلاص والصدق إلى قلوب صُنّاعه.
“أنا مش بحب السينما وبس، أنا بعشقها. السينما دي رسالتي في الحياة. نفسي أشوف أفلام بتناقش قضايا حقيقية، وتشجع الشباب، وتعلّم الأطفال، وتكرم الأسرة المصرية، وتحترم الدين، وتُظهر الإنسان المصري على حقيقته النبيلة”.
ويختم قائلًا:
“بحلم بيوم ترجع فيه السينما تبني، مش تهدّ… تُهذب، مش تفسد… تحيي القلوب، وتفتح العقول، وتعيش أجيالنا القادمة على فن نظيف يخلد، مش مشاهد تُنسى بمجرد انتهاء العرض.”
دعوة من القلب
إنه نداء من قلب عاشق، يطلقه كريم كمال، لكل مخرج، منتج، كاتب، وممثل:
“ارجعوا لجذور الفن المصري، شوفوا الأفلام القديمة، واقروا الرسالة اللي ورا كل مشهد، وابدأوا من جديد… بتاريخنا، وأصالتنا، وموهبتنا، نقدر نرجع سينما مصر لمجدها ونورها.”