في ظل الانتشار المتزايد لظاهرة تعاطي المخدرات بين الشباب وحتى الأطفال، حذرت الدكتورة الزهراء محمد، خبيرة الطب النفسي، من التداعيات الخطيرة لهذه الآفة التي لا تفتك بصحة الإنسان فحسب، بل تهدد كيان المجتمع بأكمله.
وقالت الدكتورة الزهراء إن المخدرات بأنواعها المختلفة – سواء التقليدية أو المصنعة – لم تعد مجرد وسيلة للهروب من الواقع، بل أصبحت أداة للقتل البطيء، تتسلل إلى البيوت فتُدمر العلاقات، وتُفكك الأسر، وتتسبب في ارتفاع معدلات الطلاق، وحالات العنف الأسري، والجرائم، وفقدان الوظائف، بل والانتحار أحيانًا.
وأشارت إلى أن الذوق العام أصبح أيضًا ضحية لهذه السموم، حيث تغيّرت سلوكيات الكثير من المتعاطين، وانعكس ذلك على تعاملاتهم، وتصرفاتهم في الشارع والمدرسة ومكان العمل، مما أدى إلى تدهور القيم المجتمعية وغياب مظاهر الاحترام والانضباط.
الأضرار الجسدية والنفسية
أوضحت الدكتورة الزهراء أن المخدرات تسبب تآكلًا في خلايا الدماغ، وتؤدي إلى اضطرابات في الجهاز العصبي، وأمراض في الكبد والكلى والقلب، إلى جانب الهلوسات والذهان الحاد والبارانويا والاكتئاب الحاد، التي قد تصل في مراحل متقدمة إلى فقدان السيطرة التامة على السلوك.
كيف يتعامل مركز الزهراء للطب النفسي مع هذه الحالات؟
في حديثها عن الدور العلاجي، أكدت الدكتورة الزهراء أن مركز الزهراء للطب النفسي وعلاج الإدمان يمتلك منظومة متكاملة للتعامل مع حالات الإدمان، تبدأ بالتشخيص الدقيق للحالة، مرورًا بمرحلة سحب السموم بأمان تحت إشراف طبي متخصص، ثم مرحلة العلاج النفسي والتأهيلي لضمان عدم الانتكاسة.
ويعتمد المركز على أحدث البروتوكولات العلمية في علاج الإدمان، مع تقديم جلسات فردية وجماعية، ودعم أسري، وتأهيل اجتماعي وسلوكي، مع متابعة مستمرة للحالة بعد الخروج لضمان الاستقرار والاندماج مجددًا في المجتمع.
دعوة للتكاتف المجتمعي
اختتمت الدكتورة الزهراء حديثها بدعوة كافة مؤسسات الدولة والمجتمع المدني إلى التكاتف لمواجهة هذا الخطر الداهم، مشيرة إلى أهمية التوعية المبكرة داخل المدارس والجامعات، وتمكين الأسرة من اكتشاف العلامات المبكرة للتعاطي، قبل أن تتحول الحالة إلى إدمان مزمن يصعب علاجه.
وأكدت أن المعركة ضد المخدرات ليست مسؤولية الأطباء فقط، بل هي معركة وعي وأخلاق، ومسؤولية وطنية وإنسانية تتطلب مشاركة الجميع من أجل إنقاذ جيل بأكمله.