لا تزال نظرة المجتمع إلى المرأة المطلقة تحمل كثيرًا من الأحكام الجاهزة والصور النمطية الظالمة، رغم التطور الذي يشهده العالم من حولنا في المفاهيم الإنسانية والاجتماعية. فبمجرد أن تُلقب امرأة بأنها “مطلقة”، تبدأ بعض الألسنة في إطلاق الأحكام، وكأن الطلاق جريمة، وكأنها قد فقدت شيئًا من قيمتها أو كرامتها، وهذا في حقيقته ظلم بيّن وجهل بحقائق الحياة.
المطلقة ليست مذنبة، بل قد تكون أكثر النساء شجاعة. اختارت أن تضع حدًا لحياة لا تُرضيها، ربما مليئة بالألم، أو مليئة بالتنازلات التي تفوق طاقتها. اختارت أن تحمي كرامتها، أو أن توفر بيئة صحية لأبنائها، أو أن تبدأ من جديد بحثًا عن ذاتها وسعادتها. أليس هذا قمة القوة؟ أليست هذه المرأة أكثر صدقًا مع نفسها من كثيرات اخترن البقاء في علاقة ميتة خوفًا من “كلام الناس”؟
إن المطلقة لا تحمل عيبًا ولا تنقصها كرامة، بل هي امرأة كاملة، تستحق كل احترام وتقدير. قد تكون أمًا مثالية، أو إنسانة ناجحة في عملها، أو شخصية ملهمة لمن حولها. بل في كثير من الأحيان، تكون بداية طلاقها هي انطلاقتها نحو حياة أفضل، بعد أن كانت محاصرة بقيود مجتمع لا يرحم، أو علاقة لا تُحتمل.
علينا كمجتمع أن نغير هذه النظرة الظالمة، وأن نكفّ عن ربط قيمة المرأة بوجود رجل في حياتها. فالقيمة الحقيقية لأي إنسان تُقاس بأخلاقه، بوعيه، باجتهاده، وبقدرته على اتخاذ قرارات صعبة من أجل كرامته ومستقبله.
المطلقة ليست وصمة، بل وسام شرف على صدر امرأة قالت “لا” حين كان الجميع يطلب منها أن تصمت. دعونا نُعلي من شأنها، لا أن نحاصرها بنظرات الشك والأسى. دعونا نمد لها يد الدعم لا أصابع الاتهام