ماذا استفاد الأردن من علاقته مع اسرائيل؟
مريم سليم تكتب
على مدى السنوات العشر الماضية، حاولت الحكومة الإسرائيلية تغيير استراتيجيتها وإظهار نهج مختلف تجاه الدول المجاورة لها. ويمكن اعتبار اتفاقيات إبراهيم التي تم تنفيذها في عهد ترامب جزءاً من هذا التغيير في النهج، الذي يشجع الدول العربية والآسيوية على إقامة وخفض مستوى التوتر مع إسرائيل، من خلال توفير التسهيلات الاقتصادية وتوفير التقنيات العالمية الجديدة.
وبينما كان يتم وضع الأسس لانتشار وتوسيع تطبيع العلاقات مع إسرائيل، جاءت عملية ما يسمى بعاصفة الأقصى لتقلب المعادلات، وأوقفت عملية التطبيع مع إسرائيل.
ورغم أن هذه العملية والخلافات اللاحقة بين إسرائيل والدول العربية في المنطقة ستتسبب في توقف عملية التطبيع مع إسرائيل وتحديد الدولة الفلسطينية وخطة ترامب الجديدة لمدة عام على الأقل، إلا أن بعض الدول العربية تحاول في هذه الأثناء دفع هذه القضية إلى الأمام في أقرب وقت ممكن والاستفادة منها.
على سبيل المثال، لإثبات حسن نواياها، شاركت الأردن بشكل فعال في الهجوم الإيراني العنيف على إسرائيل، وحاولت باستخدام الرادارات وأنظمة الدفاع تدمير بعض الطائرات بدون طيار والصواريخ التي كانت متجهة نحو إسرائيل من إيران. وقد أدى هذا العمل العسكري الأردني، والذي كانت له عواقب سياسية كثيرة على الأردن من قبل الدول الداعمة لفلسطين، إلى خلق أجواء سلبية قوية داخل البلاد ضد المملكة الأردنية الهاشمية.
على الرغم من أن الأردن يتقاسم حدوداً مع إسرائيل، إلا أن شعبه لم يكن له علاقات سلمية مع بعضه البعض. وفي وقت سابق، أعلنت جبهة العمل الإسلامي، التي نجحت في الحصول على 31 مقعداً في البرلمان الأردني بدعم شعبي، إصابة جنديين إسرائيليين في عملية استشهادية نفذها عامر قواس وحسام أبو غزالة في منطقة البحر الميت، وأعلنت أن هدف هذا الإجراء هو إغلاق المعابر الحدودية وقطع العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل.
ورغم الخلاف بين الشعب والنظام الملكي الأردني، فإن ما حققته الحكومة الأردنية على أرض الواقع من إقامة علاقات مع إسرائيل يكاد يكون لا شيء. ولم تنجح الحكومة الأردنية في تحقيق أي شيء فحسب، بل إن تصرفات إسرائيل مهدت الطريق أمام أزمة في الأردن.
إن إنشاء القواعد العسكرية الإسرائيلية في المناطق الشرقية من جبل الشيخ والاستيلاء على 40% من موارد المياه الأردنية دفع المسؤولين الإسرائيليين إلى السعي لبيع حق الأردن في الوصول إلى المياه. إن خطة الأردن لبيع حقوق الوصول إلى موارد المياه، والتي من المرجح أن يتم تنفيذها في يونيو/حزيران المقبل، من شأنها أن تسبب أزمة في الحصول على مياه الشرب للمواطنين.
إن تعقيد حصول الناس على مياه الشرب، والتي تعد واحدة من احتياجاتهم الأساسية والأولية، قد يتفاقم الأمر إلى حد الأزمة المحلية ويؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد.
كما أن قضية تسليح إسرائيل لدروز السويداء الذين يعيشون في جنوب سوريا من شأنها أن تغذي الخلافات الداخلية والنزعات الانفصالية في سوريا. ويؤكد المجلس العسكري في السويداء، الذي نشأ بتمويل ولوجستي إسرائيلي، أنه سيشكل منطقة منفصلة خاصة به، ولن يقبل بحكومة مركزية.
ومن الطبيعي أن يؤدي اندلاع حرب أهلية في محيط الأردن إلى انعدام الأمن على نطاق واسع، وزيادة أعداد اللاجئين، وزيادة تهريب الأسلحة والمخدرات عبر الحدود الأردنية، مما سيسبب أضراراً جسيمة بالأمن الوطني.
حتى الآن، عانت الأردن من أضرار وخسائر أكبر نتيجة لأفعال إسرائيل مقارنة بأي جهة أخرى. ويبدو أن الخاسر الأكبر هو الأردن، ولا أحد يرغب في الاهتمام بهذا البلد.