بقلم : الصحافي حسن الخباز
مدير جريدة الجريدة بوان كوم
أثارت تصريحات ترامب بخصوص تهجير الفلسطينيين ردود فعل غاضبة وخرجت بعض الدول المعنية بالأمر ببيانات غاضبة لوزارات خارجيتها ، ومن المنتظر أن يشتد التصعيد لأن تصرحاته صادمة بكل ما تخمله الكلمة من معنى .
مباشرة بعد هذه التصريحات غير المحسوبة أصدرت وزارة خارجية الأردن بيانا شديد اللهجة أكدت من خلالها رفضها القاطع للحل الذي يقترحه الرئيس الأمريكي ، كما خرجت وزارة الخارجية المصرية ببيان ترفض من خلاله تصريحات دونالد ترامب .
وفي نفس السياق بدات ردود الفعل الدولية تتزايد وكلها تجمع على الرفض التام والقطعي لما يصبو إليه سيد البيت الأبيض بخصوص الشعب الفلسطيني والحل الترقيعي الذي يحاول فرضه .
تصريحات ترامب كانت صادمة كذلك بالنسبة للداخل الامريكي لكونها غير متماسكة ولا تستند لأي منطق يقبله العقل الإنساني ، خاصة وأنه استعمل مصطلحات قدحية مهينة ك”تنظيف قطاع غزة” وكأن سكانها قاذورات او ما شابه ذلك .
ايضا مسألة فرض تهجيرهم لمصر والأردن أثارت الكثير من ردود الفعل واخرجت الدولتين عن صمتهما ، ولم تقبل لا الأولى ولا الثانية بهذا الحل ولا حتى استقبال المهجرين تحقيقا لرغبة ترامب .
تصريحات ترامب طالما لاكها اليمين المتطرف الإسرائيلي خاصة بعد احتلال غزة عام 67 وكانت حينها تابعة للإدارة المصرية ، ولم تتحقق امنية اليمين المتطرف منذ عقود فجاء الرئيس الأمريكي ليفرضها بطريقته ظنا منه ان الامور ستمر بسهولة كما بعتقد .
وهذا الطرح كما يقول بيومنت في تقرير نشرته جريدة “الجارديان” البريطانية غير قابل للتنفيذ ، لانه من جهة فمصر لا تريد نقل الصراع لترابها سيما وان لها حدودا مع إسرائيل ، وقد اعربت عن هذا في أكثر من مناسبة .
ومن جهة أخرى فرغبة ترامب واليمين الإسرائيلي تتعارض مع المواثبق الدولية التي تمنع ترحيل السكان قسرا من بيوتهم ، وهذا من شأنه ان يحطم صفقة الهدنة التي عقدتها غزة مع إسرائيل مؤخرا .
وبخصوص تأثير تصريحات ترامب في داخل أمريكا فقد جاءت من أقرب مقربي الرئيس الأمريكي ويتعلق الأمر بمجموعة “عرب أمريكيون من أجل ترامب” والذين رفضوا حل ترامب جملة وتفصيلا واعتبروا فكرته تتعارض مع أي خطة سلام في الشرق الاوسط .
جدير بالذكر أنه وفي ٱخر تصريح له هذا اليوم قبل ساعات أكد الرئيس الأمريكي انه تحدث إلى عبد الفتاح السيسي ولم يبد أي معارضة .
هذا وقد ،وصف الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأميركية والأوروبية للقانون الدولي، تصريحات الرئيس الأميركي حول تهجير الفلسطينيين بنقل سكان قطاع غزة إلى الدول المجاورة، مصر والأردن، معتبرا إياها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، وتحريضاً على ارتكاب جرائم حرب.
كما أكد الدكتور مهران، في تصريح : إن اتفاقية جنيف الرابعة تحظر في مادتها 49 بشكل قاطع، النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة، كما يصنف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في مادته 8، التهجير القسري كجريمة حرب تستوجب المحاكمة.
ومن المؤكد طبعا أن المادة 85 من البروتوكول الإضافي الأول تصنف نقل السكان المدنيين قسراً كانتهاك جسيم يستوجب المحاكمة، مشيراً إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تمتلك الولاية القضائية على هذه الجرائم.
لذلك فإذا أصر ترامب على تنفيذ خطته فالقانون سيظل يلاحقه ولن يفلت من العقاب كمجرم حرب هو ومن يعينه في تطبيق خرافاته هذه التي لقيت رفضا واسعا وستؤجج الاوضاع بلا شك في الشرق الأوسط وهي ما قد تحوله فعلا لجحيم .