صدى الأخبار
بقلم الكاتبة الإعلامية / دينا شرف الدين
شاهدت بالأيام الماضية علي وسائل التواصل الإجتماعي عدداً من المقاطع المصورة لبعض حفلات التخرج ببعض الجامعات ، و قد كانت المفاجأة غير السارة ،
تلك التي وثقت بالصوت و الصورة حال هذا الجيل من الشباب الذي من المفترض أنه من سيحمل رايات مستقبل البلاد .
فقد كانت تلك المشاهد المزرية لبعض الشباب الذين يرقصون بحفلات تخرجهم علي نغمات موسيقي المهرجانات كآخر معلوماتي التي ربما باتت قديمة و أن هناك نوعيات جديدة من الأغنيات تندرج تحت مسميات أخري أشد قسوة من تلك المسماة بالمهرجانات ، و التي كان يرقص عليها هؤلاء المتخرجون بشكل هستيري غير لائق بكونها حفلة تخرج يتواجد بها من الأساتذة و أولياء الأمور ما يستلزم قدراً من الإحترام و ضبط النفس .
ناهيك عن المشادات و الخلافات التي نشبت بأحد المقاطع بين الطالبات بإحدي حفلات التخرج أيضاً لتصل إلي حد التراشق بالإلفاظ و التهجم بالضرب .
ما يدعوني للحديث عن ” التعليم ” و ما أصابه من تدهور بالعقود الثلاثة الماضية ،
تلك التي ساهمت بشكل سريع في هذه الحالة المتدنية التي يتسم بها جيل اليوم
فعندما تخلت المدارس عن التربية التي كانت حتي زمنٍ قريب تسبق التعليم كانت المصيبة الكبري
فلم يعد هناك تربية نفسية بالمدارس مثلما كان بالماضي، إذ كانت بكل مدرسة الأخصائية الإجتماعية بشكل أساسي و التي يلجأ إليها أي طالب يتعرض لمشكلة ما أو يلاحظ مدرسه أنه بحاجة لزيارتها للتحدث معه و التعرف علي ما بنفسه من مشكلات قد تكون السبب في أي سلوك غير مألوف يصدر عنه .
كذلك التربية الرياضية التي كانت شئ أساسي بجميع المدارس و الجامعات ، فقد كانت هناك فرقاً رياضية في كل أنواع الرياضة و علي أعلي مستوي من التدريب و التأهيل لخوض المسابقات بين المدارس و التي كانت عاملاً أساسياً في تربية الأجيال بدنياً،
إذ كنا آنذاك نري اللافتات المكتوبة التي يعرفها كل منا جيداً و يحفظها عن ظهر قلب مثل ( العقل السليم في الجسم السليم ) .
و لكننا بسنوات الفساد التي كانت و في ظل التطورات الحديثة بجميع مدارس الدولة العامة و الخاصة لم يعد هناك حصص مخصصة للرياضة و لا فرق رياضية و لا مسابقات و لا غيره إلا من رحم ربي .
و إن تطرقنا للتربية الأهم و الأغني نفسياً و خلقياً و هي (التربية الفنية) التي لم يعد لها ذكر من بابه ، فأين المسرحيات المدرسية التي كانت تقدمها فرق التمثيل بالمدارس و تنظم الوزارة لها مسابقات سنوية و أين مسابقات إلقاء الشعر و فرق الرقص و الموسيقي و الكورال و أين حصص التدبير المنزلي و الأشغال اليدوية التي كانت حصصاً أساسية بالجدول الدراسي اليومي ؟
فقد كنت من آخر أجيال سعداء الحظ الذين حظوا بالتربية المدرسية و الجامعية بجانب التربية الأسرية ، لكن بكل أسف لم يعرف عنها أولادي أي شئ !
*إذن فجزء كبير من الجرم الذي أصاب المجتمع في عصبه من الأجيال الجديدة بالعقود الماضية يقع علي عاتق التربية التي فارقت منظومة التعليم قبل أن يفارق التعليم نفسه منظومته البالية.
نهاية:
لا يسعني القول سوي أنه لا مفر من البحث الجاد عن استعادة الأخلاق و إعلاء قيمة التربية قبل التعليم بمختلف الصروح التعليمية العامة و الخاصة و بمختلف مراحل التعليم ، ليس فقط الاكتفاء بوضع مادة جديدة تحمل عنوان الأخلاق ، تلك التي ناشدت سيادة وزير التربية والتعليم بضرورتها منذ سنوات و التي بعد أن تم إدراجها لم يهتم بها أحد شأنها شأن مادة التربية الدينية و ربما شأن كل المواد الدراسية التي لا يتذكر منها الطلاب أكثر من اسمها بعد انقضاء العام الدراسي حال إن تذكروه.
فالأخلاق أولي المنجيات لأجيال منوط بها قيادة مستقبل بلادنا.