صدى الأخبار
التنافس بين الجامعات التقليدية والالكترونية لجذب الطلاب الجامعيين سيدفع لتطوير أدوات التعليم عالميا
شهد التعليم العالي تحولاً عميقاً مع ظهور الجامعات عبر الإنترنت خلال السنوات الماضية. ويمثل هذا التحول أكثر من مجرد تغيير في طريقة الدراسة الجامعية فهو يدل على تطور هام في كيفية وصول الأفراد إلى فرص التعلم والتفاعل معها وتطور أدواتها وكذلك تقليص الأعباء المالية. ومع ذلك تحاول الجامعات التقليدية توسيع نطاق الدراسات عبر الإنترنت، ليتمتع الطلاب بمرونة غير مسبوقة لتجاري الجامعات عبر الانترنت إلا أن الفارق في النهج العلمي والتدريسي مازال واسعا.
فإحدى أهم مزايا الدراسة في إحدى الجامعات عبر الإنترنت هي المرونة التي توفرها. على عكس البرامج التقليدية القائمة على الحرم الجامعي والتي تتطلب من الطلاب حضور الفصول الدراسية في أوقات وأماكن محددة. توفر الجامعات عبر الإنترنت المرونة والمقصود بذلك أنه يمكن للطلاب مشاهدة المحاضرات وتقديم الواجبات والمناقشات في الوقت الذي يناسبهم، واستيعاب الجداول الزمنية والالتزامات المتنوعة. سواء كان التوفيق بين وظائف بدوام كامل، أو مسؤوليات عائلية، أو اهتمامات شخصية، فيتمتع الطلاب بالحرية في تصميم ساعات دراستهم وفقًا لحياتهم، وليس العكس.
الطالب منذر الاحمدي يدرس في جامعة University of the people عبر الانترنت والذي في نفس الوقت يعمل في احدى الشركات فقال ” دائما كنت احلم باستكمال التعليم الجامعي ولكن مجرد ترك العمل والذهاب للجامعة شكل عائقا وانهاء للحلم ولكن مع التعليم الالكتروني أستطيع الدراسة بعد الدوام في الشركة وأظن أن الشهادة الجامعية ستساعدني في تطوير مركزي المهني داخل الشركة “.
العديد من الجامعات الأوروبية والأمريكية بدأت منذ سنوات العمل على برامج أكاديمية الكترونية فيما يسمى بالتعليم المختلط مثل Harvard و NYU وYale ومع ذلك اشترطت الحضور الوجاهي لاستكمال الشهادة وهنا طرأ تحدي جديد وهو الحصول على تأشيرة سفر وتحمل الأعباء المالية التي صعبت من المهمة.
الانتشار العالمي والتواصل مع القارات
هناك جانب آخر ملحوظ للجامعات عبر الإنترنت وهو انتشارها العالمي. فلم تعد الحدود الجغرافية تشكل حواجز أمام التعليم. يمكن للطلاب من مختلف البلدان والثقافات التفاعل في الفصول الدراسية الافتراضية وإثراء المناقشات بوجهات نظر وخبرات متنوعة. لا يعمل هذا المجتمع العالمي على توسيع فهم الطلاب للعالم فحسب، بل يعدهم أيضًا للعمل في اقتصاد عالمي مترابط والتفكير خارج اطار دولهم وفهم تغييرات وتطورات تحدث في عدد من مناطق العالم هم أصلا بعيدين عنها.
الدكتورة هدى بسادة عضو في مجلس أمناء جامعة University of the people والتي أمضت عمرها في الأوساط الاكاديمية ترى أن العالم العربي سيكون عليه هو الاخر الاندماج في التعليم الالكتروني فقالت ” يجب علينا التركيز على جذب المزيد من الطلاب من العالم العربي، ولهذا السبب يجب مقابلة أكبر عدد من صناع القرار ورجال الاعمال والأكاديميين لمحاولة إقناعهم بأهمية التعليم عبر الانترنت وتشجيع مواطنيهم وموظفيهم وخريجي المدارس الثانوية الذين لا يستطيعون تحمل التكلفة والوقت اللازمين للالتحاق بالجامعة الكلاسيكية لدراسة عبر الانترنت وهذا سيكون مفيدًا لجميع الأطراف .”
يرى أنصار التعليم التقليدي أن التعليم عبر الإنترنت يفتقر إلى التفاعل الشخصي، ليرد معارضيهم بأن العديد من الجامعات عبر الإنترنت تعطي الأولوية للدعم الشخصي للطلاب. غالبًا ما يمكن الوصول إلى أعضاء هيئة التدريس من خلال ساعات العمل الافتراضية والبريد الإلكتروني ومنتديات المناقشة بشكل فعال أكثر من الانتظار خارج غرفة المعلم وكسب بضعة دقائق لرد على الاستفسارات بينما الايميل هو أكثر ديناميكية والمنصات الالكترونية أسرع في الرد. علاوة على ذلك، يمكن للتقدم التكنولوجي مثل منصات التعلم المعتمدة على الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات أداء الطلاب لتقديم توصيات مخصصة لتحسين مستوى التعليم. وسهولة وصول الطالب للإجابات التي يريدها حتى دون الاستعانة بالمعلم رغم أن ذلك له عيوب وهي تراجع التواصل البشري والاجتماعي.
أيهما أقوى التعليم الالكتروني أم التقليدي
من سلبيات التعليم الالكتروني صعوبة فرض الانضباط الذاتي وإدارة الوقت في غياب الحضور في الفصول الدراسية الوجاهية، بمعنى آخر غياب التوجيه المباشر من المعلم لطالب. يمكن أن تؤدي المشكلات التقنية ومشاكل الاتصال في بعض الأحيان إلى تعطيل عملية التعلم، مما يتطلب المرونة والقدرة على التكيف من الطلاب والمعلمين على حدٍ سواء. علاوة على ذلك، فإن الافتقار إلى التفاعل وجهًا لوجه قد يشكل تحديات في بناء الروابط الاجتماعية وفرص التواصل المرتبطة تقليديًا بالحياة في الحرم الجامعي.
في المقابل التعليم الالكتروني أرخص من الناحية المادية مقارنة بالجامعات التقليدية وجودة التعليم هي نفسها لان المنهاج العلمي هو نفسه لكن المختلف هي أدوات التعليم. اللافت أيضا هو التواصل مع معلمين من عدة دول مما يثري الطالب علميا ويطّلع على توجهات وأراء مختلفة لا تعتمد على المنهج التقليدي.
مع استمرار تقدم التكنولوجيا وتطور النماذج التعليمية، تستعد الجامعات عبر الإنترنت للعب دور أساسي متزايد في التعليم العالي. إلا أنها بحاجة للعمل المستمر لتحسين البيئات التعليمية الافتراضية. إلى جانب العمل على تطوير منهجيات التدريس المبتكرة، بتعزيز جودة التعليم وإمكانية الوصول إليه في جميع أنحاء العالم. سواء كان الطالب أو الطالبة يسعى للحصول على درجة علمية، أو اكتساب مهارات جديدة، أو ببساطة يحب التعلم فإن الدراسة في إحدى الجامعات عبر الإنترنت تمكن الأفراد من تشكيل رحلاتهم التعليمية وفقًا لتطلعاتهم وظروفهم الخاصة تماما كأي برنامج الكتروني يمكنك الان جعله يتكيف وفق أجندتك وليس وفق الضوابط الجامدة.
في الختام، يمثل ظهور الجامعات عبر الإنترنت تحولا في التعليم، حيث يوفر إمكانية الوصول غير المسبوقة والمرونة وتجارب التعلم المتنوعة. ورغم استمرار التحديات، فإن الفرص التي يوفرها التعلم عبر الإنترنت تمهد الطريق لمشهد تعليمي أكثر شمولية ومترابط عالميا. ويعد بإمكانيات لا حدود لها للطلاب في كل مكان وفي نفس الوقت سيبقى الأكاديمي الذي يرى الصف الدراسي واللوح والكتاب والدفاتر هو النظام الاصلح لتعليم الجامعي وهو نقاش سيبقى حتى يحدث الاندماج بين الطريقتين وهو ما يتوقعه المختصون بالتعليم.