كتبت زيزى ضاهر
في زمنٍ تتحوّل فيه السرعة إلى أسلوب حياة، صار الإنسان أمام معركة يومية مع ما يستهلكه. فالمشهد الصحيّ اليوم يدق ناقوس الخطر: ارتفاع مقلق في حالات التسمّم الغذائي نتيجة غياب أبسط قواعد النظافة في بعض الأماكن التي تقدّم الطعام، وفي المقابل انتشار هوس الإبر السريعة لخسارة الوزن التي تُروَّج كحلّ سحري يُغني عن الجهد والانضباط. وبين هذا وذاك، تتزايد المؤشرات العالمية والتحقيقات العلمية التي تكشف ارتفاعاً واضحاً في معدّلات السرطان والأمراض المزمنة.
وانطلاقاً من هذا الواقع، كان لنا هذا الحوار مع أخصائية التغذية العلاجية والرياضية،الحائزة على ماجيستير في الهندسة الغذائية، كارن قرداحي التي تجيب عن أبرز الأسئلة حول التسمّم الغذائي، العادات التي ترفع خطر السرطان، الإبر المخصّصة لخسارة الوزن، والمكمّلات الغذائية.
– نلاحظ في الآونة الأخيرة تزايد حالات التسمّم الغذائي، برأيكِ ما الأسباب الأكثر شيوعاً وراء ذلك، وكيف يمكن الوقاية منها؟
يعود السبب الأبرز إلى عدم التزام بعض المطاعم بمعايير النظافة والسلامة الغذائية مثلا، عدم التزام الموظفين بغسل وتعقيم اليدين وتغيير الملابس الوقائية بشكل دائم وخاصة بعد دخول المرحاض والتدخين، استخدام الأدوات نفسها في إعداد الأطعمة النيّئة والمطبوخة، عدم غسل الخضار والفواكه بمياه صالحة للشرب وتعقيمها، طلب المواد الخام من موردين غير موثوقين، عدم طبخ و حفظ الطعام على الحرارة اللازمة. وللوقاية، يجب اختيار المطاعم التي تهتم بالنظافة، تجنّب المايونيز والكريما والسوشي واللحوم النيّئة خلال الصيف، تجنّب البوفيهات فقد تسبب خطر ان لم يكن الطعام محفوظ على درجة حرارة مناسبة، الانتباه لطعم المشروبات خصوصاً الثلج، فقد يُصنع أحياناً من مياه غير صالحة، والاهم التزام المستهلك بغسل وتعقيم اليدين لتجنب نقل البكتيريا الى الطعام الجاهز.
– ما أبرز أنواع الأطعمة أو العادات الغذائية التي قد تُسبّب على المدى الطويل أمراضاً خطيرة كالسّرطان، وكيف يمكن تجنّبها؟
تشير الدراسات إلى أنّ بعض العادات الغذائية ترفع خطر الإصابة بالسرطان، أبرزها؛ الإفراط في تناول اللحوم المصنّعة مثل المرتديلا، البسطرما، والهوت دوغ، الإكثار من اللحوم الحمراء، الأطعمة المقلية أو المحروقة، لأن احتراق الطعام يُنتج موادّ مضرة، استهلاك السكر والحلويات والأطعمة المصنّعة بشكلٍ يومي، الإفراط في شرب الكحول. وللتقليل من هذه المخاطر، يُنصح بـ:استبدال اللحوم المصنّعة بالبروتينات الصحية مثل الدجاج، البيض، والسمك، اعتماد طرق طهي معتدلة دون حرق الطعام، الإكثار من الفواكه، الخضار، والألياف التي تعمل على تنقية الجسم من السموم، شرب الماء بكميّة كافية والحفاظ على وزن صحي.
– مع اقتراب فترة الأعياد، كيف يمكن للناس الاستمتاع بالمناسبات دون الإضرار بصحّتهم أو زيادة وزنهم؟
الأعياد موجودة للفرح، وليس للقلق من السعرات الحرارية. السرّ هو في التوازن وليس الحرمان. يجب عدم تخطي الوجبات قبل العزائم، بل تناول فطور وغداء غنيَّين بالبروتين كي لا نصل إلى العشاء جائعين.
اضافة الى تقسيم الطبق إلى: نصفه خضار، ربع بروتين، وربع نشويات. الاستمتاع بالحلو، ولكن بكميات واعية، شرب الماء بانتظام، واستبدال المشروبات الكحولية بالماء بين كل كأس وآخر، التحرك بعد الطعام: المشي، اللعب مع الأطفال أو الرقص..كما أن الوعي أثناء الأكل يضمن الاستمتاع دون زيادة وزن.
– إلى أيّ مدى يُعتبر النشاط الرياضي جزءاً أساسياً من نمط الحياة الصحي؟ وما العواقب التي قد يواجهها من لا يمارس الرياضة بانتظام؟
النشاط الرياضي ليس خياراً إضافياً، بل ركن أساسي من الصحّة. إن فوائد الرياضة عدة منها المحافظة على وزن صحي وكتلة عضلية قويّة،تنظيم ضغط الدم وصحّة القلب، تحسين الأيض وتقليل مقاومة الإنسولين، دعم صحة العظام والمفاصل، تعزيز المناعة وتحسين المزاج والنوم. أما إهمال الرياضة فيؤدي إلى بطء في الأيض وزيادة الدهون، خسارة الكتلة العضلية وهشاشة العظام، ارتفاع خطر الإصابة بالسكري، الضغط وأمراض القلب، تعب وخمول واكتئاب وضعف تركيز. يكفي 30 دقيقة من الحركة 5 مرات في الأسبوع.
– يُقبل كثيرون على المكمّلات الغذائية بهدف تسريع النتائج أو تعويض النقص، فما رأيكِ العلمي في ذلك؟ ومتى تكون هذه المكمّلات ضرورية فعلاً؟
المكمّلات الغذائية قد تساعد في بعض الحالات، لكنها لا يمكن أن تحلّ مكان الغذاء الحقيقي، ولا تعوّض نظاماً غذائياً سيئاً أو قلّة النوم وعدم الحركة. تكون المكمّلات ضرورية عندما يثبت النقص علمياً، مثل الفيتامين D، الفيتامين B12، بعض الحالات عند الحوامل أو النباتيين أو الرياضيين الذين لا يحصلون على ما يكفي من البروتين من الغذاء. أما مكمّلات الديتوكس أو الحبوب السحرية لخسارة الوزن فهي مجرّد تسويق، ولا فائدة منها على المدى الطويل.
– نلاحظ أنّ بعض الأشخاص يتناولون كميّات كبيرة من الطعام دون أن يزداد وزنهم، فيما آخرون يكتسبون الوزن بسرعة، فبمَ تفسّرين هذا التفاوت؟ هل يعود لعوامل وراثية أم لنمط الحياة؟
الاختلاف بين الناس يعود إلى عدّة عوامل منها؛ العامل الوراثي يؤثر على سرعة الأيض وطريقة حرق الجسم للطاقة، نسبة الكتلة العضلية: العضلات تحرق سعرات أكثر من الدهون حتى أثناء الراحة، الهرمونات مثل الإنسولين تؤثر على تخزين الدهونن، أسلوب الحياة: النوم الجيد، الحركة اليومية، شرب المياه، وتناول الطعام الصحي.
– ما رأيكِ في الإبر التي تُروّج على أنّها تساعد على خسارة الوزن؟ وهل تشكّل خطراً على الجسم أو تؤدّي إلى مضاعفات؟
هذه الإبر صُمِّمت أساساً لمرضى السكري، ولا يجب استخدامها دون إشراف طبي. نعم، قد تساعد في إنقاص الوزن، لكنها ليست حلاً دائماً. إن مخاطرها المحتملة هي الغثيان، الاستفراغ، النفخة والإمساك، التهاب في المرارة أو البنكرياس، احتمال خسارة العظام والعضلات، عودة الوزن عند التوقف عن استخدامها.
زيزي ضاهر روائية وكاتبة صحفية













