✍️ بقلم: … محمود كمال رضوان
كل يوم، بل كل ساعة، تسقط أرواح بريئة تحت عجلات سيارات نقل متهورة، لا تعرف للرحمة طريقًا، ولا تحترم قانونًا، ولا تلتزم بضمير. طرقنا تحوّلت إلى ميادين للموت المجاني، تُسفك فيها دماء الأبرياء بسبب السرعة الجنونية، والقيادة العشوائية، والاستهتار الكامل بحياة البشر.
متى ينتهي هذا التسيب الفاضح؟ إلى متى تظل شوارعنا مفتوحة أمام سيارات نقل يقودها أطفال، بلا رخص، بلا وعي، بلا أدنى مسؤولية؟! ترى شاحنات عملاقة تسير بلا لوحات، يقودها صبي لم يبلغ حتى سن الرشد، يعبث بالموت كمن يلعب بلعبة إلكترونية، بينما الناس حوله يترقبون لحظة الكارثة!
السرعة الزائدة أصبحت مرضًا مزمنًا. تتجاوز سيارات النقل السرعات القانونية كأنها وحدها تملك الطريق. لا إشارات، لا مسافات أمان، لا احترام للإنسان أو النظام. والنتيجة؟ جثث مشوهة، أسر محطمة، ودموع لا تجف.
أين هي الرقابة؟! أين التفتيش الحقيقي على التراخيص؟! من الذي يسمح بخروج مركبات متهالكة، لا تصلح للسير، يقودها مهملون يستهينون بالقانون والحياة معًا؟!
لقد صار الأمر أكبر من مجرد “حوادث”. نحن أمام جريمة منظمة ضد الإنسانية، يشارك فيها الإهمال، والتقاعس، والفساد، والجهل. والمثير للغضب أن كثيرًا من هذه السيارات لا تخضع لأي نوع من الرقابة، تسير في الشوارع كأشباح لا يوقفها أحد.
كم من أب دفن ابنه بسبب “سواق نقل” مجنون؟ كم من أم تُركت تصرخ على قارعة الطريق وهي تحتضن بقايا جسد فلذة كبدها؟!
نحن لا نكتب فقط من أجل الشكوى… نحن نصرخ نيابة عن كل من فقد عزيزًا على يد هذا التهور القاتل.
نطالب بتحرك عاجل:
حملات تفتيش مكثفة ومستمرة على سيارات النقل.
تغليظ العقوبات على السائقين المتهورين.
حجز أي سيارة تسير بلا لوحات أو يقودها قُصّر.
تركيب أجهزة تتبع وسرعة إجبارية على الشاحنات.
إنشاء سجل إلكتروني وطني موحد لمتابعة تاريخ المخالفات لكل سائق نقل.
إن أرواح الناس ليست أرقامًا في دفاتر النيابة، ولا أسماء تُكتب في أخبار الحوادث. الحق في الحياة مقدّس، ولا يجوز أن يُدهس تحت عجلات الغفلة.
كفى تسيبًا… كفى استهتارًا… كفى موتًا