صدى الأخبار
محمد حسن حمادة يكتب:
حيا الله أطفال الحجارة الذين كبروا وأطلقوا الصواريخ والمسير
قبل انعقاد القمة العربية الإسلامية بالرياض كنت على يقين أن القادة العرب لن يخرجوا بموقف موحد وبعد القمة زاد يقيني فلو خرجت غزة منتصرة من الحرب ستسقط معها عروشا عربية، وربما أنظمة غربية، علاوة على سقوط (نتنياهو) للأبد، منذ أن وعت عيناي على القمم العربية وأنا مدرك أن البيان الختامي لهذه القمم يكتبه الكيان الصهيوني على حد وصف (إيدي كوهين) الصحفي والباحث الأكاديمي الإسرائيلي، ففي تغريدة له على حسابه الشخصي على (تويتر) لخص مخرجات القمة العربية في الشجب والإدانة والاستنكار مضيفا بتهكم: اللهم احفظ لنا جميع الحكام العرب”.
لا أمل في العرب وقممهم فقد اتفق العرب على أن لا يتفقوا، الرجاء من العرب الذين يثبتون في كل لحظة أنهم مجرد ظاهرة صوتية وحناجر عنترية يتبخر صداها في هواء الميكروفونات الطلق، وأمام الشاشات الملونة، أن يتركوا غزة وشأنها ففي غزة [رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ] فهؤلاء الرجال منهم من كانوا أطفال الحجارة الذين كبروا وأصبحوا يطلقون الصواريخ والمسيرات والمدافع، ويفجرون (الميركافا) هؤلاء هم أقران محمد الدرة، هؤلاء تلاميذ غزة الذين شبوا وترعروا وأصبحوا جند الله، فهل عرفتم لماذا تغتال وتعتقل إسرائيل الأطفال؟
أنا لا أخشى على غزة بعد انتهاء الهدنة فمن استطاع الصمود أكثر من أربعين يوما يستطيع الصمود أربعين شهرا، فغزة قد أثبتت أنها موطن الأسود في عرينها، أسياد وليسوا عبيدا، أبطال وليسوا أقزاما، شجعان وليسوا جبناء، وهبوا أنفسهم لله ولوطنهم ولقضية بلادهم والدفاع عن مقدساتهم فصارت غزة وطن العزة، وهواء غزة أصبح أكسجين الأمة، لا يتنفسه إلا الأحرار، الحرب على غزة منحة من الله ميز الله فيها الخبيث من الطيب، وأظهرت المعدن الغث من الثمين وشعوب العالم الحر أدركت أخيرا أن غزة وطن برائحة الكبرياء والشهداء، أكفانهم تضيء بالنور والمجد والفداء، لايضرهم من خذلهم، فغزة تقدم في كل لحظة شهداء نيابة عن الأمة بل عن العالم فغزة أشعلت نار الحرية بعدما أثبتت أنها الوحيده في هذا الكوكب التي قاومت الاحتلال بينما العالم أجمع تحت أسر الاحتلال الصهيوني وتحت قبضة الماسونية العالمية فتحرير غزة من الصهاينة يعني تحرير العالم من سرطان الصهاينة وسيطرتهم الغاشمة على ثروات العالم ومقدراته، وخاصة في الغرب المختطف بواسطة اللوبي اليهودي، غزة كشفت الغطاء عن الحريات فى الغرب وأظهرت زيف شعاراته، وأيقظت الضمير الإنساني، والدليل الرأي العام العالمي الذي تحول بنسبة أكثر من 95% مؤيدا للحق الفلسطيني، خلوا بينهم وبين عدو الأمة ولا تطعنوهم من الخلف بسلاح الخيانة، فهم لا يخشون إلا العملاء، يكفيهم مساندة الشعوب فالشعوب دائما على الفطرة السليمة مالم يلوثها الإعلام والحكام، تغير العالم بفضل الله وأبطال طوفان الأقصى.
كسبت المقاومة هذه الجولة وفرضت شروطها وأجبرت الصهاينة على الهدنة، وتبادل الأسرى ستنتهي الهدنة وستلتقط إسرائيل أنفاسها ستكون الهدنة مجرد فاصل قصير وستعود بعدها إسرائيل لمواصلة المذابح والمجاز، ستضرب بقسوة وستركز ضرباتها الجوية التي ستكون أعنف مما سبق وخاصة على الجنوب حتى تظفر بأي مكسب.
في النهاية مصير أي حرب الجلوس على مائدة المفاوضات فلن يسمحوا لحماس التي أرادوا تفكيكها وتدميرها أن يكون لها اليد الطولى وتملي شروطها في هذه المفاوضات فيجب أن تكون استراتيجية المقاومة الصمود ثم الصمود والثبات على الأرض وهدوء الأعصاب وحرب العصابات وجرهم بقوة لحرب الأنفاق فالولايات المتحدة الأمريكية مٌنيت بشر هزيمة في (فيتنام) بسبب حرب الأنفاق، وتحمل الضربات مهما كان الثمن، الرهان على اللعب بورقة الرهائن لتمديد الهدنة فإدارة بايدن في مأزق فقد اهتزت صورة الولايات المتحدة الأمريكية ليس في الشرق الأوسط فقط بل في كل العالم وانخفضت شعبية (بايدن) الطامح لولاية ثانية فلا مفر أمامه إلا الضغط على (نتنياهو) اليميني المتطرف عديم الرؤية والأهداف الذي أشعل المنطقة باحثا عن علامة نصر تساعده على الاستمرار في الحكم فالغضب بالداخل الأمريكي وصل لحد الانفجار كما أن واشنطن لن تستطع دفع فاتورة هذه الحرب وهي وحلفاؤها يخشون أن تتمدد الحرب وتصبح حربا إقليمية، أما الداخل الإسرائيلي فقد أصيب بهيستيريا، اقتصاد ينزف، قتلى وجرحى ورهائن وصافرات إنذار تثير الهلع والذعر في نفوس الإسرائيليين، استدعاء جنود الاحتياط، وكلفته الضخمة على كل مناحي الحياة في إسرائيل والمواطن الإسرائيلي مواطن مرفه يرفض العيش تحت ظلال القصف والحرب والطوارئ، والعيش في المخابئ، القادم لغزة هو الاختبار الأصعب، ضريبة الدم ستكون فادحة، لكن في اللحظات الفاصلة التي يتشكل فيها المصير، الصمود فيها هو الخيار الأول والأوحد، وبعدها سيكون الميلاد الجديد إن شاء الله.