دبي ــ
زهير بن جمعة الغزال
انطلقت يوم 30 نوفمبر النسخة الثانية عشرة من “رحلة الهجن” التي ينظّمها مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، في مسار هو الأطول في تاريخ الرحلة والتاريخ المعاصر، وانطلقت رحلة الهجن لأول مرة في عام 2014 بناءً على توجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي، بهدف حفظ الموروث الإماراتي وتسليط الضوء على الهجن باعتبارها أحد أهم ركائز الحياة القديمة في الصحراء ووسيلة النقل الرئيسة التي اعتمد عليها أهل الإمارات والمنطقة عموما في أسفارهم وتنقّلاتهم عبر التاريخ. وقد شكّلت هذه الرؤية بداية مسار مستدام لإحياء إرث عريق وإعادة تقديمه للأجيال بأسلوب حيّ وتجربة واقعية تُجسّد عمق العلاقة بين الإنسان والهجن.
وتقطع القافلة مسافة 1050 كيلومتر على ظهور الهجن، من منطقة السلع في العاصمة أبوظبي وصولاً إلى القرية التراثية في القرية العالمية بدبي، حيث اعتمدت الرحلة خط سير الحجاج التاريخي في الدولة، وهو الطريق الذي سلكه أهل الإمارات والخليج في رحلاتهم لأداء مناسك الحج، في خطوة تعكس عمق الارتباط بالذاكرة الوطنية وتُعيد إحياء واحدة من أهم طرق القوافل العربية عبر الزمن.




ويمتدّ مسار الرحلة على مدار 21 يومًا من المسير المتواصل، في تجربة تمزج بين قيم الصحراء وروح التحمل والسير على خطى الآباء والأجداد، لتجسّد معنى العودة إلى الجذور وإحياء إرث الإنسان الإماراتي كما عاشه في بيئته الطبيعية، بكل تفاصيلها وتحدياتها.
تنوع عالمي… و29 مشاركًا من 18 جنسية
ويخوض غمار نسخة هذا العام 29 مشاركًا من 18 جنسية مختلفة، جرى اختيارهم بعناية من بين مئات المتقدمين، بعد اجتيازهم مراحل تدريبية مكثّفة بإشراف نخبة من المدربين في مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، بهدف تأهيلهم لخوض تجربة تحاكي ظروف وأساليب التنقل قديماً باستخدام واحد من أهم رموز الحياة الصحراوية إلا وهو الهجن.
وتُعد هذه الرحلة فرصة فريدة للتعرف على قيم الصحراء، وللانغماس في بيئة مليئة بالدروس الإنسانية والاجتماعية التي شكّلت ملامح الهوية الإماراتية، بما تحمله من روح التعاون، والصبر، وتحمل المشقة، والاعتماد على الذات.
رحلة الهجن مسار داخلي يعيد الإنسان إلى قيمه الأولى
وعن الانطلاقة قال سعادة عبدالله حمدان بن دلموك، الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث وقائد القافلة: إننا لا نسافر على ظهور الهجن لقطع مسافة فحسب، بل لنقطع مسافة في داخلنا أيضاً، فهذه الرحلة هي امتحان للقيم قبل أن تكون رحلة للطريق، وهي عودة واعية إلى جذورنا التي نهل منها أهلنا الأولون معاني الصبر، والصدق، والتوكل، وتحمل المشقة، حين نسلك طريق الحجاج، فإننا نستحضر مسارًا حمل دعواتهم وأحلامهم، وأعاد تشكيل شخصياتهم، وكان جزءًا من سيرتهم ومسيرتهم.
وأضاف سعادته: هذه النسخة هي الأطول والأكثر رمزية في تاريخ الرحلة، لأنها تستعيد تجربة إنسانية خالدة عاشها الأجداد بقلوب ثابتة وإيمان عميق، وها نحن نعيد إحياءها من جديد بروح حديثة، وبقافلة تضم شبابًا من ثقافات وجنسيات مختلفة اجتمعوا على تقدير التراث الإماراتي واحترام قيمه.
مؤكدًا على أن الهجن كانت وما زالت ما زالت الهجن برمزيتها ومكانتها في وجداننا قادرة على أن تعلّم الإنسان الكثير، وأن تربط بين الماضي والحاضر، وأن تُعيد تشكيل فهمنا للهوية حين نخطو على الرمال نفسها التي خطى عليها من سبقونا.
خط سير الرحلة
وتبدأ الرحلة من منطقة السلع في العاصمة أبوظبي ليقطع المشاركون على متن الهجن مسافة 1050 كيلومتر، وسط الكثبان الرميلة، وفق خط سير، يضم محطات أبرزها: ندّ الشبا، قرن وكر العقاب، رقعة روضة، رملة ساحب عظيبة، الهرِه، رملة بن مريود، العبدلية، جنوبي بو بلق، جنوبي بطين ليوا، غربي محمية المها العربي، سبخة الدعيسية، محمية المها العربي، سيح الحايرة، خريمة بالعباس، سبخة بوهمامة، جنوبي الخزنة بدع عامر، نقا حمدان، العجبان رملة مدران، سيح السلم وصولاً إلى القرية التراثية في القرية العالمية يوم 20 ديسمبر الجاري، حيث سيكون الختام.
ــ انتهى ــ
نبذة عن مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث
يعد مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث مصدراً ومرجعاً معتمداً وموثوقاً لحفظ ونشر التراث الوطني في دولة الإمارات العربية المتحدة، ورسالته تتمحور في تعزيز التراث الوطني الإماراتي وتناقله بين الأجيال، والتعريف به على المستوى الإقليمي والعالمي، إضافة إلى تنظيم أجندة من الفعاليات والمسابقات التراثية، وإجراء الدراسات والأبحاث المتخصصة لحفظ وتوثيق التراث الوطني، وتوفير المصادر والمراجع التراثية للباحثين والمهتمين وكافة أفراد المجتمع. ويعد المركز أيضًا منصة لجميع مبادرات وبطولات وأنشطة سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد بن سعيد آل مكتوم المعنية بالتراث والتي تسعى بمجملها إلى ترسيخ الثقافة التراثية الإماراتية العريقة في الجيل الجديد، وتعزيز الوعي لديه بالقيم والعادات والتقاليد الأصيلة في المجتمع وتعميق دوره وتفعيل مشاركته في حفظ الهوية الوطنية.












