الاحساء
زهير بن جمعه الغزال
أوضح ذلك المهندس ماجد ابوزاهرة
يستعد هواة السماء في مختلف أرجاء الوطن العربي فجر يوم الاحد 22 يونيو 2025 لمشاهدة واحدة من أرقى لوحات الكون حين يقترب هلال القمر المتناقص من كوكب الزهرة في مشهد بديع يمكن رؤيته بالعين المجردة قبل شروق الشمس.
ففي ذلك الوقت الساحر من اليوم حين تبدأ السماء في التدرج من ظلمة الليل إلى نور الصباح، سيطل علينا الزهرة – ذلك الكوكب المتوهج – كجوهرة بيضاء لامعة تزين الأفق الشرقي قريباً من الهلال الرقيق الذي يسبح بهدوء في الفضاء.
مشهدٌ سيبدو كما لو أن جرمين سماويين قد اجتمعا في لحظةٍ شاعرية رغم أن بينهما في الحقيقة ملايين الكيلومترات.
يعرف هذا اللقاء السماوي بـ”الاقتران” وهي ظاهرة تحدث عندما يظهر جرمين في السماء قريبين من بعضهما ظاهرياً كما نراهم من سطح الأرض. وعلى الرغم من المسافات الحقيقية الشاسعة فإن هذا التداخل البصري يخلق مشهداً آسرا يجعل من السماء مسرحا مفتوحاً للجمال والفكر.
من الساعة 3:45 فجراً وحتى نحو الخامسة صباحا ستكون الفرصة سانحة للرصد. كل ما يحتاجه المتابع هو مكان مفتوح الأفق جهة الشرق ليتمكن من رؤية هذا المشهد ولمن يملك منظاراً أو تلسكوباً ستكون التجربة أعمق: هلال القمر بتفاصيله الدقيقة وكوكب الزهرة كقرص مضاء جزئياً يعكس أشعة الشمس التي تتسلل عبر طبقاته السحابية الكثيفة.
الزهرة الكوكب الأقرب إلى الأرض بعد عطارد يلقب احياناً بـ”نجمة الصباح” أو “نجمة المساء” بحسب وقت ظهوره. وإن لم تكن قد رأيته من قبل فإن هذا هو الموعد الأنسب لاكتشاف لماذا يسرق الأنظار بمثل هذا السطوع.
تكرار اقترانات القمر بالزهرة ليس نادراً في التقويم الفلكي لكنها في كل مرة تأتي بطابع مختلف. هذه المرة يتزامن الحدث مع اقتراب القمر من مرحلة “الاقتران المركزي” التي تعلن بداية شهر محرم 1447 مما يمنحه رمزية زمنية خاصة.
لكن بعيداً عن الحسابات هناك ما هو أعمق: لحظة من السكون والتأمل في السماء في وقت يلامس فيه الفجر قلوب المتأملين ويعيد صلتهم بعظمة هذا الكون. مشهد كهذا لا يفوت خاصة لمن يحب أن يجمع بين العلم والروح بين البصيرة والبصر.
ولعشاق التصوير الفلكي هذه فرصة ذهبية لالتقاط صور تجمع بين جمال الهلال وسطوع الزهرة.
في نهاية المطاف، فإن اقتران القمر بالزهرة فجر الأحدث ليس مجرد حدث فلكي بل دعوة مفتوحة للتأمل لاكتشاف السماء ولبناء علاقة مع الكون تبدأ بنظرة وتنمو بشغف.
