كتبت إيمان سرحان
في صورة موجعة تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر طفل صغير وقد كُتبت على رأسه الحليق عبارة “تاريخ فاشل”، في مشهد لا يخلو من القسوة والإذلال. هذه العبارة لم تكن إلا عقابًا من الأب لابنه بعد رسوبه في مادة التاريخ.
ولعل ما يؤلم أكثر من الرسوب ذاته، هو أن يكون العقاب على يد من يُفترض أن يكون الحصن والأمان والداعم الأول. فالأب هنا لم يوبخ، ولم يوجّه، بل كسر خاطر طفله وأهان كرامته، وربما جرحًا كهذا لا يلتئم بسهولة، خاصة حين يأتي من أقرب الناس.
يا أبي.. لماذا كسرتني؟
هذا الطفل الذي جلس مطأطئ الرأس، لم يكن فاشلًا في “التاريخ” بقدر ما سيكون ضحية لـ”مستقبل” قد يُكتب بالحزن، والتردد، والخوف من الفشل. فالطفل ليس رقماً في نتيجة، ولا تقييماً في مادة، بل كائن هشّ يحتاج إلى كلمة دعم أكثر من صفعة سخرية.
علم النفس يُجمع على أن أسوأ أنواع العنف هو العنف النفسي، ذلك الذي لا يُرى، لكنه يهدم من الداخل. وهذا الطفل، الذي كُتب على رأسه جُرم لا يستحقه، قد يكبر بجراح خفية، تفقده ثقته بنفسه، وربما بوالده، وربما بالعلم ذاته.
الآباء لا يُحاسبون الأطفال بالعقوبة.. بل يحتضنونهم بالفهم
أيها الأب، إذا كان ابنك قد أخفق في مادة، فاسأله أولاً: هل فهم الدرس؟ هل كان يحتاج للمساعدة؟ هل يمرّ بشيء يُعيقه؟
هل جرّبت أن تذاكر معه بدلاً من أن تكتب على رأسه؟
هل جرّبت أن تكون له صديقًا، بدلاً من أن تصبح ألمه الأول؟
العقاب بالتشهير لا يصنع إنسانًا ناجحًا، بل يصنع قلبًا خائفًا، ونفسًا مكسورة. والنجاح لا يولد من الإهانة، بل من الدعم.
رسالتي لكل أب وأم:
أولادكم أمانة. لا تزرعوا فيهم جُرحًا قد لا يندمل. الفشل ليس نهاية الطريق، لكنه بداية لتجربة جديدة تحتاج إلى تشجيع، لا إلى تحقير.
علموا أبناءكم أن الفشل ليس عيبًا، لكن العيب هو أن نكسرهم إذا فشلوا