كتب .. بهاء عز العرب النجريدي..
أستاذ بحوث الإعلام والقانون
منذ أن طرح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خطته المثيرة للجدل بشأن غزة، لم تهدأ دوائر النقاش في المنطقة. فبينما جوبهت الخطة برفض واسع من قوى فلسطينية وعربية، تسربت أنباء عن استعداد حركة حماس للتعامل معها وفق شروط محددة. الأمر فتح الباب أمام تساؤلات جوهرية: هل نحن أمام مناورة سياسية مدروسة من الحركة؟ أم بداية انزلاق نحو فخ يستهدف تصفية جوهر القضية الفلسطينية؟
شروط موافقة حماس
مصادر مقربة من الحركة أكدت أن ما أشيع عن “موافقة” حماس ليس قبولًا مطلقًا، بل مشروطًا بجملة اعتبارات:
1. عدم المساس بالثوابت الفلسطينية: أي رفض صريح للاعتراف بإسرائيل أو التخلي عن حق العودة.
2. التركيز على البعد الإنساني والاقتصادي: حيث ترى حماس أن أي ترتيبات تخص إعادة إعمار غزة أو رفع الحصار يجب أن تُفصل عن الملفات السياسية السيادية.
3. التزام الضمانات الدولية: الحركة تشترط وجود ضمانات فعلية لاختراق الحصار المفروض منذ سنوات، وعدم الاكتفاء بوعود أمريكية أو إسرائيلية.
4. إشراك الأطراف الفلسطينية: رفض أن تتحول الخطة إلى وسيلة لتفجير الانقسام الداخلي، بل التأكيد على أن أي تسوية يجب أن تمر عبر توافق وطني واسع..
دهاء أم إفشال؟
من زاوية، تبدو هذه الشروط محاولة لتفريغ الخطة من مضمونها السياسي وتحويلها إلى مجرد بوابة لمكاسب إنسانية واقتصادية، وهو ما قد يُقرأ كـ”دهاء تكتيكي” يتيح للحركة التنفس سياسيًا وميدانيًا دون التنازل عن جوهر الصراع.
لكن في المقابل، يحذر منتقدون من أن مجرد الدخول في دائرة الشروط قد يمنح الخطة “شرعية شكلية”، ويفتح الباب أمام تطويعها لاحقًا لتخدم المشروع الأمريكي الإسرائيلي، خصوصًا وأن هذه القوى تمتلك أدوات ضغط هائلة لتعديل الشروط أو الالتفاف عليها.
بين دهاء المناورة وخطر التصفية، تقف حماس على خيط رفيع. قبولها المشروط قد يكون سلاحًا ذو حدين: إما أن يُستخدم لكسب الوقت وكشف حدود الخطة، أو يتحول إلى باب لتوريطها في تسوية لا تخدم القضية. وفي كل الأحوال، يظل الرهان الحقيقي على وحدة الموقف الفلسطيني، لأن أي موافقة منفردة – مهما كانت مشروطة – ستفقد معناها إذا لم تُترجم إلى موقف وطني جامع يضع مصلحة الشعب الفلسطيني فوق أي اعتبارات تكتيكية.