صدى الأخبار
كتب:محمد عسكر
مع إطلاق خدمة “شبكات الجيل الخامس” أو ما يعرف بـ “5G” في مصرمطلع العام الحالى، بدأت العديد من الأسئله الملحه حول هذه التقنيه تدور فى أذهان جمهورالمستخدمين مثل ما هو الجديد الذى ستضيفه لهم؟ وما الفرق الذي ستصنعه في حياتهم ؟ وهل سيحتاجون إلى جوالات جديدة؟ وهل سيكون بمقدورهذه التقنيه الجديده معالجة مشكلة “خارج نطاق التغطية” لأولئك الذين يقيمون في مناطق نائية؟ لذا سيكون من المناسب الإجابة عن كل هذه التساؤلات بإيجاز شديد فى السطور القادمه:
في البداية يمكن تعريف الـ “5G” بأنها الجيل الخامس من التكنولوجيا الخلوية اللاسلكية وهى تمثل الجيل القادم من خدمات الإنترنت الجوال، والتي يَعد مطوروها بتوفير سرعات أكبر في تحميل ورفع البيانات، وكذلك تغطية أقوى وإتصالات أكثر إتساقاً و إستقراراً، وقدرة محسّنة مقارنةً بالشبكات السابقة. نعتمد جميعا على الإتصال بالإنترنت للقيام بمعظم الأعمال، سواء كانت شخصية أو إحترافيه، ومع زيادة الطلب والإعتماد على شبكات الإنترنت بشكل أوسع فى الأونه الأخيره، فإن الجميع يبحثون عن سرعات عالية إلى جانب خدمات موثوقة ومستقره. هنا تنشأ الحاجة إلى شبكة الـ”5G” الجيل الجديد من شبكات الإنترنت اللاسلكية التي تضمن لك القدرة على نقل البيانات كبيرة الحجم بكفاءة عالية وفي وقت أقل. هذا يعني أنك قد تكون قادرًا على تنزيل مقطع فيديوعالي الدقة مدته ساعات في ثوانٍ معددوه.
تعد شبكة “5G” أسرع بكثير وأكثر موثوقية من شبكات “4G” الشائعة حالياً، كما أن لديها القدرة على تغيير طريقة إستخدامنا للإنترنت للوصول إلى التطبيقات والمعلومات والشبكات الإجتماعية المختلفه بل والعديد من التقنيات المستقبليه والتي تتطلب إتصالات عالية السرعة وذات موثوقية فائقه فى نقل البيانات مثل السيارات الذاتية القيادة وتطبيقات الألعاب المتقدمة ووسائط البث المباشر وغيرها. ورغم أن الـ “5G” تقنية جديدة في عالم الإتصال اللاسلكي، لكن المستخدمين لن يلاحظوا في البداية السرعة الأعلى، لأن من المرجح إستخدام “5G” في بادئ الأمر كوسيلة لتعزيز قدرات شبكات “4G” القائمة حاليا ومن ثم تبدأ شبكات الجيل الخامس تدريجيا بتقديم خدماتها بصوره أكبروعلى نطاق واسع وأكثر شموليه وبشكل مطلق وعندها سيحتاج المستخدمين لتغيير جوالاتهم القديمه بأخرى حديثه تدعم تقنيه الـ “5G”. وأود أن أشير هنا إلى أنه عندما طرحت تقنية “4G” في 2009، ظهرت جوالات ذكية متوافقة معها في السوق قبل الإنتهاء من البنية التحتية بشكل كامل، ما أحبط بعض المستهلكين لشعورهم أنهم دفعوا أكثر مقابل خدمات غير مكتملة بعد. لذا أعتقد أنه من غير المحتمل أن يرتكب المسوقين نفس الخطأ، وسيطلقون جوالات الجيل الخامس عندما تكون الشبكات الجديدة جاهزة تماما، ربما بحلول نهاية العام الجارى، وسيكون حينها من السهل إستبدال أجهزة “4G” بأخرى تتوافق مع “5G”.
وبخصوص ما إذا كانت شبكات الجيل الخامس قادره على معالجة مشكلة التغطيه لأولئك الذين يقيمون في مناطق نائية؟ فأوضح أنَ ضعف الإشارة والبطء الشديد فى نقل البيانات لطالما كانت الشكوى الأبرز لدى المستخدمين في العديد من المناطق الريفية والمناطق النائيه ، لكن للأسف لن تعالج شبكات الجيل الخامس هذه المشكلة بالضرورة، لأنها ستعمل على نطاقات تردد عالية توفر إشارة أقوى لكنها تغطي مسافات أقصر. وأعتقد أن شبكات الـ “5G” ستكون في المقام الأول، خدمة موجهة للمناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية، وسيكون على مشغلي الشبكات تحسين تغطية شبكات الجيل الرابع بالتوازي مع إطلاق هذه التقنية الجديدة.
تمثل شبكات الجيل الخامس أو الـ “5G” ثورة الإتصالات في الوقت الحالي؛ لما ستوفره من سرعة إنترنت عالية تعود بالنفع على كافة المجالات. وسيكون لخدمات الجيل الخامس الأثر البارز في تحسين الأداء في قطاع الإتصالات وتقنية المعلومات، الذي يتمثل في إستخدام التقنيات الحديثة ، مثل تقنيات إنترنت الأشياء، وذلك لما تقدمه من تسهيل كبير في خدمات المدن الذكية والمنازل الرقمية والمركبات المتصلة، وتسهيل إستخدام برامج الذكاء الإصطناعي وغيرها من التطبيقات. بل إنه من المتوقع أن تحدث شبكات الجيل الخامس ثورة تتعدى عالم الإتصالات وتقنية المعلومات لتمس كافة جوانب الحياة من خلال العديد من التطبيقات الصناعية والصحية والتعليمية بالإضافة إلى تطبيقات المواصلات والتعدين من خلال توفيرسرعات إتصال عالية، زمن إستجابة قصير جداً، موثوقية إتصال فائقه وكذلك القدرة على ربط عدد كبيرمن الأجهزة. يفترض مع هذه القدرات أن تصبح مقاطع الفيديو فورية التشغيل وبدون أي أعطال، وتكون مكالمات الفيديو أكثر وضوحا وأقل تشويشا، أما أجهزة اللياقة البدنية القابلة للارتداء فستراقب صحة المستخدم وفقا للوقت الحقيقي، وتنبه الأطباء بمجرد ظهورأي حالة طارئه. ويعتقد كثيرون أن هذه الشبكات ستكون بلا شك حاسمة بالنسبة لتكنولوجيا المركبات ذاتية القيادة للتواصل مع بعضها البعض وقراءة بيانات الخرائط المرورية مباشرة.
لذا عندما تتغيّرأيقونة “4G” فى زاويه شاشه هاتفك لتصبح “5G” فإن َّ عالما ً كاملاً من التغييرسـيصبح متاحاً. لن تكون هناك حاجة إلى البحث عن شـبكة “واي فـاي”؛ لأن َّ إتصالـك الخلـوي سـيتجاوزها ويتفـوق عليهـا بمراحل. ومهما كان ما يفعله المستخدمون الأن بجوالاتهم الذكية، فسيصبحون أكثر قدرة على التمتع بتجربة أفضل وأسرع، مع دعم للنظارات الذكية التي تتميز بالواقع المعزز، والواقع الافتراضي للجوال، وجودة أعلى للفيديو، وإنترنت الأشياء الذي يجعل المدن أكثر ذكاء. إن الإحتمالات ، والتأثيرات المرتبطة بالجيل الخامس متعددة الجوانب وعميقة وشديدة التعقيد، وهو أمرا ً بلا شك سنشهده ونواكبه على إمتداد العقود القادمه حيث ستسافر فـي سـيارات مـن دون سـائق، وسـتعمل أقـل بكثيـر مـن ذى قبـل؛ لأن َّ الأتمتـة سـتكون فـي أوجهـا، كمـا أن َّعالـم الترفيـه أيضا سيشهد تحـولا ً جذريا نحـو الواقع الإفتراضي والواقع المعـزز، وسـيصل إلـى مسـتويات جديدة وغيرمسبوقة. ولكن المثير للأنتباه حقا بشأن هذه التقنية هو الخدمات الجديدة التي ستعتمد عليها ولا يمكن التنبؤ بها، مثل ربط أسراب من الطائرات المسيره معا لتنفيذ مهام محدده ومن ثم التواصل لاسلكيا مع بعضها البعض عبر شبكات الجيل الخامس.
وقد لعبت أيضًا تقنيات شبكات الجيل الخامس”5G” دورًا في الحرب التجارية بين الولايات المتحده الأمريكيه والصين، بسبب المخاوف من إستخدام معدات وهواتف Huawei الصينية للتجسس على الشبكات اللاسلكية. وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، قد أدرجت هواتف ومعدات Huawei في القائمة السوداء لاستخدامها في طرح “5G” في أميركا. ومن خلال الدراسات الإقتصادية لشبكات الجيل الخامس ، وجد أنه من المحتمل أن يتحقق التأثير الإقتصادي الكامل لشبكات “5G” في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2035، مما يدعم مجموعة واسعة من الصناعات. فمن المتوقع أن تُساهم شبكات “5G” في تقليل الحوادث المرورية، وجعلها أقل بنحو 80% بحلول عام 2025، ويرجع ذلك إلى إستخدامها في السيارات الذكية. كما أنه من المتوقع أيضا أن يُتيح إستخدام شبكات “5G” ما يصل إلى نحو 13.1 تريليون دولار في الإقتصاد العالمي، بالإضافة إلى خلق 22.8 مليون فرصة عمل.
دكتور /محمد عسكر
مستشار التكنولوجيا وخبير أمن المعلومات