بقلم / سيد الأسيوطي
في لحظة فارقة، شهد العالم العرض العسكري الصيني الأخير الذي تجاوز حدود الاستعراض التقليدي للقوة، ليصبح زلزالًا استراتيجيًا قلب موازين العالم.
لم يكن المشهد مجرد دبابات وصواريخ، بل إعلانًا صريحًا عن ولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، تتصدره الصين ويصطف خلفها حلفاء كبار في مقدمتهم روسيا وكوريا الشمالية.
حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إلى جانب الرئيس الصيني شي جين بينغ كان رسالة مباشرة لواشنطن: محور جديد يتشكل ويفرض نفسه على الخريطة الدولية.
وفقًا لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام (SIPRI) 2024:
الصين خصصت أكثر من 224 مليار دولار لميزانيتها العسكرية.
روسيا رغم العقوبات أنفقت 109 مليارات دولار.
كوريا الشمالية تملك نحو 1.2 مليون جندي وترسانة صاروخية متنامية.
هذا التلاقي بين القوة الاقتصادية الصينية والخبرة الروسية والقدرات الكورية يعني أن زمن القطب الأوحد قد انتهى، وأن الولايات المتحدة لم تعد اللاعب المنفرد في الساحة الدولية.
وعلى المستوى الإقليمي، تبقى مصر بوعيها التاريخي وقرارها المستقل حاضرة بقوة، فهي تدرك أن الاستقلال الوطني لا يتحقق إلا عبر تنويع مصادر السلاح والتحالفات الرشيدة. ومن هنا برز التحالف العربي الثلاثي الأقوى في المنطقة: مصر، المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ذلك التحالف الذي شكّل سدًا منيعًا أمام الفوضى والمؤامرات.
هذا التحالف شغل إدارات أمريكية متعاقبة، من بايدن إلى ترامب، وأثار قلق الغرب الذي حاول تفكيكه بأي ثمن، إلا أن حكمة الزعماء الثلاثة أجهضت كل محاولات الفتنة في مهدها، لتظل المنطقة عصية على التآمر.
العرض العسكري الصيني لم يكن مجرد مناسبة وطنية، بل إعلانًا أن النظام العالمي القديم انتهى والجديد قد بدأ فعليًا.
ومصر تتحرك بثبات وحكمة لتحافظ على مكانتها التاريخية كقلب العروبة ورمانة الميزان في الشرق الأوسط.
حفظ الله مصر، وحفظ جيشها وشرطتها البواسل درع الأمة وسيفها، وتحيا مصر بوحدتها دائمًا وأبدًا رغم أنف المفسدين والحاقدين والمتربصين.