كتبت رانيا حسن
في الخميس الثاني من كل شهر، مع دقات الساعة السابعة مساءً، يتجدد موعد المهتمين بالفن السابع في مناسبة ثقافية فريدة.
المخرج أشرف فايق يحشد جهودًا وطنية رائعة من خلال صالونه الفني “كلام ف السيما”، الذي يعد بمثابة توثيق تاريخي للفن المصري، وخاصةً في مجال السينما، حيث يتناول فيه جوانب هامة من هذا الفن الأصيل.”
في كل صالون يتزامن الاحتفال مع توثيق رحلة فنان مُلهِم، يأتي شهر ديسمبر ليكون شهر أنور وجدي، حيث خُصصت الفعاليات لتسليط الضوء على إرثه الفني. قدم فايق مسيرة أنور وجدي بكل أعماله، متناولاً قصة كفاحه الفني، مُقدماً إياها عبر فيديو أعدته ماهي أمجد، ليحكي لنا حكاية الإبداع والمثابرة.
أبدع فايق في إدارة الحوار بأسلوبه الفريد، فتارة يأسرنا بحديثه مع المنتج الفلسطيني الكبير حسين القلا، وتارة أخرى يستضيف شيخ المصورين محمد بكر ودكتور حسين بكر. لنغوص في أغرب الحكايات والكواليس المحيطة بأفلام أنور وجدي، حيث تتكشف لنا تفاصيل لم يسمع بها أحد من قبل، في جو يمزج بين السحر والخيال، كأننا نحلق في عوالم جديدة من الإبداع.
دارت حوارات شيقة مع الكاتبة الصحفية زينب الإمام، ابنة مخرج الروائع حسن الإمام. في هذا اللقاء، طرح فايق عليها أسئلة مثيرة حول رأيها في أنور وجدي، ذلك الفنان متعدد الأوجه كممثل ومخرج ومنتج. وقد استعرضت زينب الكواليس الشيقة حول أنور وجدي، مستلهمةً من ذكرياتها مع والدها، الذي شهد بعبقريته في عالم السينما.
وأضافت الكاتبة حنان حماد البنبي بجرأة إلى أهمية ترميم أفلام الزمن الجميل . هذه الأفلام ليست مجرد شريط سينمائي، بل هي كنوز فنية تُعبر عن روح الزمن، وتاريخ الأمة. تتطلع بنظرة مفعمة بالأمل إلى ضرورة إنتاج نسخ مرممة جديدة، لتظل هذه الأعمال حية متجددة، تعمل كحلقة وصل بين فنون الأمس والمستقبل، لتغذي العقول والقلوب للأجيال القادمة، إذ أن الفن هو لغة الخلود.
في ختام الصالون ، وجّهت سؤالاً للمخرج أشرف فايق:
“هل يعقل أن بين مائة مليون مصري، لا يوجد أنور وجدي جديد في وقتنا الراهن؟”
فأجابني بوضوح: “بل هناك أكثر من أنور وجدي في مصر، التي تعج بالمواهب، ولكن هناك بعض التحديات التي تحول دون بروز هذه القامات.”
أوضح الفنان أشرف فاروق أنه يشغل فكرة مميزة، عبارة عن مشروع كبير يهدف إلى اكتشاف وتدريب المواهب الصغيرة. وأعرب عن رغبته في أن يسهم هذا المشروع في صناعة نجوم المستقبل، مؤكداً على ضرورة اهتمام الجميع بهذه الفكرة على أعلى المستويات.
كما أضاف الحوار لمساتٍ فكرية من الكاتبة والناقدة اللامعة “مها متبولي” والناقد البصير “مشير عبدالله” والصحفي المتألق “رشدي الدقن”، إلى جانب كوكبة من مثقفي جمهورية مصر العربية.
في الختام، يمكن القول إن مصر تحتل المرتبة الثانية عالميًا في صناعة السينما، بعد هوليوود، حيث شهدت الإسكندرية عرض أول فيلمٍ لها في عام 1896. إن مصر تعد من رواد هذه الصناعة العريقة، ولديها تراثٌ فني عظيم يستحق الحفظ والتعريف، كي ينغمس فيه الأجيال الجديدة ويعوا عظمة الفن المصري.