صدى الأخبار
بقلم الكاتبة دينا شرف الدين
لم تكن المرة الأولي التي أكتب فيها عن المخدرات و لن تكون الأخيرة، فقد توقفت مرات أمام هذا الكابوس المخيف الذي بات يهدد معظم الأسر المصرية ، تحديداً تلك التي بها مراهقين أو شباب من الجنسين ، و سأضع عدة خطوط تحت كلمة الجنسين لأؤكد أن تعاطي المخدرات لا يقتصر فقط علي الذكور ، فقد شمل قطاعاً كبيراً من البنات و السيدات بمختلف الأعمار و تحديداً بالسن الحرج الذي يشمل المراهقة و الشباب .
و تتويجاً لنجاحات صندوق مكافحة و علاج الإدمان و التعاطي و دوره المؤثر بقضية المخدرات التي أغرقت الأسواق المصرية والعربية وكذلك العالمية وأصبحت تجربته “بيت خبرة ” لكثير من الدول ، حظيت بحضور انطلاق المرحلة الجديدة لحملة ” أنت أقوى من المخدرات ” بدعوة من الزميل والصديق مدحت وهبه المستشار الإعلامى والمتحدث الرسمى لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي ،حيث أطلقت الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي ورئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي الحملة تحت عنوان ” المخدرات هتجرك للنهاية .. ماتربطش نفسك بيها ” لرفع الوعى بخطورة الإدمان وتعاطي المواد المخدرة وسط كوكبة من الإعلاميين وكبار الكتاب .
آي نعم:
كانت المخدرات موجودة بالمجتمع المصري منذ عقود طويلة ، و كان هناك من يتعاطاها بقطاعات معينة و أنواع محدودة و سرية كبيرة تتلائم مع كونه جرم يحاسب عليه القانون و ينبذه المجتمع ، إذ كان من المألوف أن يتواري هذا المتعاطي عن الأنظار و يتجنب أن يذاع سره بالعلن .
و لكن :
مع مرور السنوات و تطورات العصر ، كان و لابد أن تتطور أنواع المخدرات و تخرج عشرات الماركات المبتكرة التي تتناسب و هذا الإنفتاح و تلك الحداثة ، و لم يقتصر الأمر علي تطورات أنواع المخدرات فحسب و إنما علي زيادة الأعداد من قطاعات المنضمين لمئات الأضعاف ، لتتسع قاعدة المتعاطين و تشمل فئات عمرية و شرائح إجتماعية جديدة .
لنفاجأ ، و نحن فى غفلة من الزمن مستغرقين حتى الآذان فى أحداث تلاحقها أحداث أخرى من كل اتجاه، بواقع مؤلم قد تسلل بخبث ليستشرى فى قلب المجتمع المصرى ذو العادات والتقاليد والقيم الأصيلة التى لم يقو على تبديلها يوماً الاستعمار و لا العولمة و الانفتاح والإنترنت الذى جعل من العالم كله قرية صغيرة تؤثر و تتأثر ببعضها البعض بشكل مباشر و سريع .
فقد طالت هذه الغفلة حتى أفقنا على مأساة ليس كمثلها مأساة وهى ضرب عصب المجتمع ومستقبله المتمثل فى شبابنا فى مقتل!
فقد تم إدخال عشرات الأنواع من المخدرات المصنعة كيميائيا، متعددة الأسماء، لتكتمل حلقات الدمار وتغييب عقول الشباب وتدميرها فيتحول عدد كبير منه إلى مجرد مسخ لا حول له ولا قوة ولا فائدة منه ولا رجاء !
حيث صرحت الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي ورئيس مجلس إدارة صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى ، إن قضية المخدرات أصبحت خطرًا يُهدد السلم المجتمعي بشكل مقُلق في الآونة الأخيرة، كونها تستهدف النشء والشباب بصورة أساسية، مُخلفة ورائها عديداً من الآثار السلبية سواء أكانت اجتماعية أو نفسية أو صحية أو اقتصادية وتزايد اقترانها بالعديد من الجرائم والعنف والسلوك العدواني لافته الى أن المخدرات التخليقية برزت كعامل أساسي للعنف؛ وهي أنواع تختلف عن نظيراتها الطبيعية في كونها أشد تأثيرا وأقوى فتكًا، وبدأ تداولها وظهورها مُنذ قرابة قرن من الزمان كمُشتقات من المورفين فى عشرينيات القرن الماضي، ثم الأمفيتامينات والمنشطات الشبيهة بها، وبحلول عام 2021 تم رصد أكثر من 1000 مادة من هذه المواد التخليقية ذات التأثير على الحالة النفسية في أكثر من 120 دولة.
�وأضافت القباج :انه منذ أيام قليلة شارك صندوق مكافحة وعلاج الإدمان بمؤتمر رفيع المستوى للجنة الدولية للرقابة علي المخدرات بالأمم المتحدة وشارك في فعالياته أكثر من 2000 مُشارك يمثلون أكثر من 150 دولة ليعبروا عن مخاوف غير مسبوقة تجاه هذا الإقتران الملحوظ بين مُشكلة المخدرات والجريمة وتغير نمط الجرائم ودرجة وحيثياتها ، وكذلك الزيادة الملحوظة في أعداد الوفيات الناتجة عن تعاطي هذه المخدرات.
كما استعرض الدكتور عمرو عثمان مساعد وزير التضامن الاجتماعى ومدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي الأثر المجتمعي لسلسلة الحملات الإعلامية “أنت أقوى من المخدرات” مؤكدا أن الإعداد لهذه الحملات له منهجية علمية من خلال تحديد مدى انتشار وتفاقم مشكلة التعاطى واستطلاعات الرأي عن المفاهيم المغلوطة ، إذ أن فلسفة الحملة تعتمد على تفنيد المفاهيم المغلوطة عن تعاطى المخدرات والتنوع في الفئات المستهدفة ، لافتا الى ان الحملة ساهمت في زيادة عدد المتقدمين للعلاج من الإدمان من خلال الخط الساخن “16023 ” لـ 400 % وبلغت طلبات العلاج 170 ألف مريض ” جديد ومتابعة ” خلال 2023 ،بعد أن كانت 35 ألف مريض خلال 2014 بما يشير الى تأثير الحملة في رفع الوعي بخطورة الإدمان وأيضا الثقة في الخدمات المقدمة من جانب الصندوق ، كما حققت الحملة أكثر من 165 مليون مشاهدة على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل تراكمي خلال مراحلها السابقة ،إضافة إلي صداها الواسع على المستوى الدولى ،حيث تم عرضها كأحد قصص النجاح في المؤتمرات الدولية كما حصلت الحملات على المركز الثالث على المستوى الدولي في مسابقة دبي للأعمال الإبداعية .
وأضاف “عثمان” أن تحليل بيانات المتقدمين للعلاج من خلال الخط الساخن لصندوق مكافحة الإدمان تعتبر مرشدا لمشكلة التعاطى وتواكبا مع تزايد الطلب على العلاج تم التوسع في تقديم خدمات العلاج والتأهيل من خلال 30 مركز علاجي فى 19 محافظة مقارنه بـ 12 مركز علاجي في 7 محافظات عام 2014،
نهاية:
فبجانب المجهودات الكبيرة التي يقوم بها صندوق مكافحة و علاج الادمان ، و التي شكلت فارقاً حقيقياً و تأثيراً ملموساً ،
لابد من وضع خطة عاجلة محكمة تشترك بها كافة مؤسسات الدولة إلي جانب عمل الصندوق ،للسيطرة على هذه الموبيقات ومحاصرتها وفرض العقوبات القصوى على مروجيها ومستهلكيها والتوعية المكثفة بمخاطرها الصحية و تحريمها دينيا بأساليب بسيطة مقنعة تستطيع الوصول والتأثير فى عقول الشباب من سن المراهقة وحتى نهاية العشرينيات،
هذا بجانب دور البيت من الداخل الذى يتحمل المسئولية الأكبر فى المتابعة والمراقبة والتقويم .
لعلنا ننقذ أجيالاً من الشباب إن تهاوت سيتهاوى المجتمع بأسره.