بقلم: محمود كمال رضوان
لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرد وسيلة للتسلية أو التواصل، بل تحولت إلى عالم موازٍ يبتلع أطفالنا يومًا بعد يوم، ويجرفهم بعيدًا عن الواقع، عن الأسرة، عن القيم، وعن كل ما نشأنا عليه من عادات وتقاليد.
السوشيال ميديا، التي يظنها البعض مجرد “تطبيقات”، أصبحت تُشكل وعي الأطفال وتعيد برمجة عقولهم بلغة جديدة، لغة لا تشبهنا، ولا تنتمي لنا. إنها لا تكتفي بتشتيت انتباههم، بل تغرس فيهم أفكارًا لا تتناسب مع بيئتنا، وتربيتنا، ولا حتى أعمارهم.
الطفل الذي كان بالأمس يستمع لحكايات جدته أو يلعب بألعابه البسيطة، أصبح اليوم مهووسًا بـ”الترند”، مأسورًا بعدد “اللايكات”، تائهًا بين فيديوهات قصيرة لا تتعدى ثواني، لكنها تترك أثرًا عميقًا في سلوكه ووعيه.
والأخطر من كل ذلك؟ أن هذا العالم لا يعرف حدودًا. لا أخلاقيًا ولا زمنيًا. فهو مفتوح على مصراعيه لكل ما هو غريب وشاذ ومثير للجدل. من تحديات خطرة إلى محتوى غير لائق، إلى نماذج تُقدَّم للطفل على أنها “قدوة”، وهي أبعد ما تكون عن القدوة الحقيقية.
فهل نترك أطفالنا فريسة لهذا العالم؟
أم نفيق قبل فوات الأوان؟
المسؤولية الآن أصبحت مضاعفة على الأسرة، المدرسة، والإعلام. نحن بحاجة إلى رقابة واعية، وحوار صريح مع أبنائنا، وبدائل ذكية وآمنة ترعى خيالهم دون أن تسرقه.
السوشيال ميديا ليست شرًا مطلقًا، لكنها سلاحٌ ذو حدين… وإن لم نحسن استخدامه، سيجرّ أبناءنا إلى واقع آخر لا يشبهنا